الذكاء الاصطناعي يحدث ثورة في الأوبرا: منح صوت لمن لا صوت لهم

“`html

السيمفونية غير المسموعة: كيف يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في الأوبرا ويمنح صوتًا للإعاقات غير اللفظية

في عالم يتشكل بشكل متزايد بفعل التكنولوجيا، غالبًا ما يكون الفن بمثابة مرآة حيوية تعكس حقائقنا وتطلعاتنا. هذا الصيف، دفعت مبادرة استثنائية في مهرجان بولاية أوماها الأمريكية حدود الفن والتكنولوجيا على حد سواء، مستكشفة التقاطع العميق بين الأداء، والإعاقة، والذكاء الاصطناعي. يغوص العمل الجديد، وهو أوبرا بعنوان “Sensorium Ex”، في أسئلة جوهرية: من يملك صوتًا؟ ومن يُسمع حقًا؟

هذا الإنتاج الرائد، الذي أبرزه كبير مراسلي شؤون الفنون في شبكة PBS NewsHour، جيفري براون، هو أكثر من مجرد حدث مسرحي؛ إنه بيان قوي للدعوة والشمول. إنه شهادة على كيف يمكن تسخير الذكاء الاصطناعي، الذي غالبًا ما يُنظر إليه بشك أو خوف، لتحقيق فائدة إنسانية عميقة، لا سيما في تمكين الأفراد ذوي الإعاقات غير اللفظية وإعادة تشكيل المشهد الفني للأوبرا نفسها.

السيمفونية الصامتة: الكشف عن “Sensorium Ex”

“Sensorium Ex” تغوص بجمهورها في مستقبل ديستوبي يعكس بشكل مخيف مخاوفنا الحالية، عالم حيث يُستخدم الذكاء الاصطناعي لصياغة شكل جديد من أشكال الحياة. في جوهرها، تروي الأوبرا القصة المؤثرة لأم، ميم (تغنيها هايلي مكافوي)، وابنها المعاق، كيتسوني، وهما يتنقلان في الخطر ويسعيان للهروب. السرد غني الطبقات، ويستكشف موضوعات الحب والأمل والبقاء على قيد الحياة على خلفية التطور التكنولوجي.

المؤلفة الموسيقية باولا بريستيني، القوة الدافعة وراء “Sensorium Ex”، عبرت عن اهتمامها العميق بإمكانيات المشروع لفتح آفاق جديدة من خلال الفن. كانت رؤيتها هي خلق مساحة تعزز الاستماع الأعمق وتتقبل أشكال التعبير المتنوعة، لا سيما لأولئك الذين يتواصلون بشكل مختلف أو يعيشون مع إعاقات مختلفة. تؤكد بريستيني على أن الأوبرا هي بمثابة مخطط لمستقبل أكثر شمولاً، حيث يتم تمثيل تعقيدات الحياة البشرية بالكامل على المسرح، لتعمل ليس فقط كمرآة للمجتمع، بل كمسار لفهم وتفاعل أفضل.

كلمات شخصية: رؤية بريندا شوجناسي

العمق العاطفي لـ “Sensorium Ex” يتضخم بشكل كبير بفضل كلماتها، التي كتبتها الشاعرة الشهيرة بريندا شوجناسي. كان هذا أول دخول لشوجناسي في كتابة الأوبرا، وكان شخصيًا للغاية. تجربتها الحياتية كأم لطفل غير ناطق ولا يمشي، كال (عمره الآن 18 عامًا)، وفرت الأساس الخام والأصلي للقصة. تصف شوجناسي عملية الكتابة بأنها مؤلمة وضرورية في آن واحد، مدفوعة برغبة عميقة في رؤية الأطفال مثل ابنها مدرجين ومحتفى بهم.

كما قالت شوجناسي ببراعة: “الأطفال مثله لا يحصلون على فرصة ليكونوا جزءًا من أي شيء.” من خلال كتابة كيتسوني في الأوبرا، هدفت إلى جعله البطل، ومنحه دورًا مركزيًا، والأهم من ذلك، ضمان سماع صوته. أصبحت هذه المهمة المبدأ التوجيهي للمشروع بأكمله: تصميم ثابت لجعل “الصوت” و”الاستماع” متاحين للجميع. امتد هذا الالتزام ليشمل الممثلين وطاقم العمل، الذين شملوا بشكل متعمد أفرادًا ذوي إعاقات مثل الشلل الدماغي، والتوحد، والعمى، لضمان تمثيل حقيقي على خشبة المسرح وخارجها.

قلب الأوبرا: منح صوت للمهمشين

في الأوبرا التقليدية، الصوت هو الأهم. إذن، كيف يؤلف المرء لمن يُفترض أنهم لا يملكون صوتًا؟ كان هذا هو التحدي المركزي والابتكار العميق لـ “Sensorium Ex”. صوت كيتسوني ليس مجرد عنصر في الأوبرا؛ إنه محوري في نسيجها، مدمج في النتيجة الموسيقية، الموسيقى، التكنولوجيا، والمخطط نفسه. تصف بريستيني العملية الإبداعية بأنها أشبه بالكتابة لآلة موسيقية غير موجودة بعد، مما يدفع حدود التأليف الموسيقي.

تضمن الحل تضخيم الطرق غير اللفظية التي يتواصل بها الأفراد ثم إيجاد تعبير تقني أعمق لهذه الأشكال الفريدة من التواصل. لم يوسع هذا النهج تعريف “الصوت” فحسب، بل عزز أيضًا تجربة فنية أغنى وأكثر دقة.

رحلة جاكوب جوردان: اختراق في التواصل

محوري في هذا الاستكشاف هو جاكوب جوردان البالغ من العمر 23 عامًا، أحد الممثلين الذين يلعبون دور كيتسوني. جاكوب، الذي لا يتكلم، يجسد جوهر مهمة الأوبرا. تم تشخيص جاكوب بالتوحد وتعذر الأداء الكلامي في مرحلة الطفولة المبكرة، مما يعني أن حالته العصبية تجعل جسده وكلامه غالبًا ما يفشلان في الاستجابة للأوامر من دماغه. يصف تجربته مازحًا: “كانت أفكاري محتجزة كرهائن داخل رأسي بينما كانت الكلمات الخاطئة تنتحل شخصيتي، مخادعة الجميع للاعتقاد بأنني أبسط مما أنا عليه.” يتذكر كيف كان صوت كلامه “يتوقف في حلقات”، مما يجعل التواصل صعبًا بشكل محبط.

حدث اختراق غيّر حياته قبل عامين فقط من إنتاج الأوبرا عندما تعلم جاكوب كتابة الكلمات بمساعدة شريك اتصال مدرب. سمحت هذه الطريقة لأفكاره بالتدفق بحرية، وبمجرد اكتمال الجملة، يتم التعبير عنها من خلال جهاز إلكتروني. في حين أن هذا الصوت الإلكتروني يسهل الكثير من اتصالاته اليومية، شارك جاكوب رغبة عميقة في التعبير عن نفسه بشكل هادف بالصوت الذي ولد به – وهي رغبة سعى مشروع “Sensorium Ex” إلى تحقيقها.

ابتكار Sensorium AI: التكنولوجيا كمُمكّن

تم تحقيق تجسيد صوت كيتسوني الفريد من خلال Sensorium AI، وهو شراكة رائدة بين فريق العمل الإبداعي للأوبرا ومشروع القدرة بجامعة نيويورك (NYU’s Ability Project). يقع مشروع القدرة في بروكلين، نيويورك، وهو مختبر بحثي مخصص يركز على تقاطع الإعاقة والتكنولوجيا، ويعمل على سد الفجوات وإنشاء حلول مبتكرة.

قاد الدكتور آر. لوك دوبوا، أستاذ في جامعة نيويورك ومهندس وباحث ومؤلف موسيقي، التطوير التقني. بدأ دوبوا وفريقه بتسجيل دقيق للأصوات التي يصدرها جاكوب بشكل طبيعي – صفير، غناء، أصوات تشبه الكلام. “لذلك لدينا تسجيلات لجاكوب وهو يقوم بما يقوم به،” أوضح دوبوا، مشيرًا إلى تعبير جاكوب الطبيعي.

الجوهر الأساسي لنظام Sensorium AI هو قدرته على أخذ هذه التسجيلات الخام و”استنتاج الجسم المادي الذي أنتجها”. يسمح هذا الاستنتاج للذكاء الاصطناعي بإنشاء إحساس بتشريح جاكوب الصوتي الفريد، وبالتالي، صوته المميز. أوضح دوبوا ذلك عن طريق إدخال عبارة مثل “أود الإبحار غدًا” وجعلها “تُمرر” عبر النظام، مما أدى إلى تسجيل “يبدو كجاكوب”. يسلط هذا العمل الرائد الضوء على الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي في توليف الصوت. بالنسبة للمهتمين باستكشاف قدرات الذكاء الاصطناعي الحديث في توليد الكلام، فإن مولد صوت بالذكاء الاصطناعي مجاني يمكن أن يوفر لمحة رائعة عن كيفية إنشاء الأصوات والتلاعب بها باستخدام خوارزميات متقدمة. توضح هذه الأدوات الوصول الأوسع للتقنيات التي كانت تقتصر في السابق على المختبرات البحثية المتخصصة.

علاوة على ذلك، أدمج دوبوا وفريقه مستشعرات تسمح لجاكوب بالتحكم في عناصر كلامه المُصنّع. من خلال تحريك يده، يمكن لجاكوب التأثير على نغمة وسرعة صوته المُصنّع بالذكاء الاصطناعي، مما يضيف طبقة من التعبير تتجاوز مجرد تحويل النص إلى كلام. تم دمج هذه التكنولوجيا المصممة خصيصًا مباشرة في الأوبرا، مما خلق مفارقة قوية: قصة عن الشر المحتمل للذكاء الاصطناعي تستخدم فوائد الذكاء الاصطناعي لتمكين شخصياتها. يُظهر هذا أيضًا الالتزام بتسخير التكنولوجيا للأغراض الإنسانية بدلاً من الأهداف الديستوبية.

ما وراء المسرح: الآثار الأوسع للذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر

أحد أكثر الجوانب تأثيرًا لمشروع Sensorium AI هو التزامه بالتقنية مفتوحة المصدر. هذا يعني أن الكود الأساسي والمنهجية متاحة للجمهور، مما يسمح لأي شخص بالوصول إلى الابتكار والاستفادة منه وتطويره بشكل أكبر. أعرب دوبوا عن أمله الشديد في أن تكون هذه التكنولوجيا في أيدي كل من يحتاجها. وهو يتفاعل بنشاط مع باحثي الكلام في جميع أنحاء البلاد، واثقًا من أن هذا النهج مفتوح المصدر سيؤدي إلى انفجار في التطبيقات والتقدمات الجديدة.

آثار هذا النموذج مفتوح المصدر واسعة. إنه يضفي طابعًا ديمقراطيًا على الوصول إلى التكنولوجيا المساعدة المتقدمة، ويعزز بيئة تعاونية حيث يمكن للابتكارات أن تتطور بسرعة وتصل إلى أولئك الذين يمكنهم الاستفادة منها أكثر. هذا النهج يتناقض بشكل حاد مع النماذج الاحتكارية، مما يعزز إمكانية الوصول والتأثير الواسع بدلاً من الملكية الحصرية.

إعادة تعريف الأوبرا والشمول الفني

بالنسبة لـ باولا بريستيني، تمثل “Sensorium Ex” مخططًا قويًا لمستقبل الأوبرا وغيرها من أشكال الفنون. إنه يتحدى المفاهيم التقليدية للأداء ويعيد تعريف ما يعنيه امتلاك “صوت مسرحي”. من خلال إظهار كيف يمكن للفرق الفنية التنقل في تحديات العمل مع القدرات المتنوعة، تضع الأوبرا سابقة لزيادة الشمول في الفنون. تتصور بريستيني مستقبلاً حيث توفر الأوبرا نظامًا وفهمًا واضحين، مما يثبت أنه بينما توجد تحديات، يمكن التغلب عليها خطوة بخطوة، مما يؤدي في النهاية إلى مشهد فني أغنى وأكثر تمثيلاً.

يُظهر المشروع أن تبني القدرات المتنوعة لا يوفر فقط فرصًا للفئات المهمشة، بل يثري الفن نفسه، ويضيف طبقات من التعقيد والأصالة التي يتردد صداها بعمق لدى الجماهير. يتعلق الأمر ببناء مساحات أكثر ترحيبًا حيث يتم تقدير وتضخيم كل شكل فريد من أشكال التعبير.

مسار إلى عالم أفضل: التأثير البشري

يقع الرنين العاطفي لـ “Sensorium Ex” في تأثيرها البشري العميق. إن رغبة بريندا شوجناسي في أن يشارك ابنها كال في العالم، ألا يكون معزولًا على الهامش، تجسد التطلع الأوسع للمشروع. إنها تتوق إلى أن يرى الأطفال المعاقون وغير الناطقون “Sensorium Ex” ليس فقط يتخيلون أنفسهم كممثلين أو مؤدي أوبرا يومًا ما، بل أن يختبروا تقديرًا أعمق وأكثر جوهرية: “ها أنا ذا. أنا موجود.”

هذا الشعور بالتحقق والرؤية أمر بالغ الأهمية للهوية الذاتية والانتماء. الأوبرا ليست مجرد ترفيه؛ إنها وسيلة للتغيير الاجتماعي، وتعزز التعاطف والتفاهم مع إبراز الإمكانات غير المستغلة داخل المجتمعات المتنوعة. إنها تدعم فكرة أن كل فرد، بغض النظر عن طريقة تواصله، يمتلك صوتًا فريدًا يستحق أن يُسمع.

الخلاصة: قوة الصوت والفن والابتكار

تقف أوبرا “Sensorium Ex” في أوماها كمنارة للابتكار والشمول، وتوضح بقوة كيف يمكن للفن والإعاقة والتكنولوجيا المتطورة أن تتلاقى لخلق شيء تحويلي حقًا. من خلال تسخير الذكاء الاصطناعي ليس كتهديد بل كأداة تمكين، منح الإنتاج صوتًا للمهمشين، وحطم المفاهيم المسبقة حول التعبير الفني، وأضاء مسارًا لمستقبل أكثر شمولاً لكل من الفنون والمجتمع ككل.

كما تأمل جاكوب جوردان نفسه في أدائه، بعد دقيقة من الكتابة بردّه المؤثر: “لقد كانت التجربة الأكثر إشباعًا في حياتي.” كلماته، المُصنّعة ولكنها ملكه بشكل عميق، تجسد القوة الهائلة لهذه المبادرة. تذكرنا “Sensorium Ex” بأن كل فرد يمتلك صوتًا فريدًا، وبالإبداع والرحمة والابتكار، يمكننا ضمان أن كل صوت، مهما كانت طريقة تجليه، يجد مسرحه ويتردد صداه في جميع أنحاء العالم.

“`

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *