قضية جيتي ضد ستابيليتي إيه آي: هل تتغير قواعد حقوق النشر في عصر الذكاء الاصطناعي؟

“`html

تطور المشهد القانوني لقضايا حقوق النشر في الذكاء الاصطناعي: قضية جيتي ضد ستابيليتي إيه آي تحت المجهر

في تطور هام لأحد أبرز النزاعات القانونية التي يتم مراقبتها عن كثب في مجال الذكاء الاصطناعي الناشئ، قامت جيتي (Getty Images) مؤخرًا بسحب مطالباتها الرئيسية بانتهاك حقوق النشر ضد ستابيليتي إيه آي (Stability AI) أمام المحكمة العليا في المملكة المتحدة. هذا التطور، ورغم أنه يضيق نطاق التقاضي في لندن، يسلط الضوء على التحديات القانونية المعقدة وغير الواضحة المحيطة باستخدام المواد المحمية بحقوق النشر لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية. ويأتي هذا في خضم موجة أوسع من التحديات القانونية التي تشكل بشكل جماعي مستقبل ملكية المحتوى الرقمي واستخدامه في عالم يعتمد على الذكاء الاصطناعي.

يدور جوهر هذه المعارك القانونية حول سؤال أساسي: إلى أي مدى يمكن لشركات الذكاء الاصطناعي الاستفادة من مجموعات بيانات ضخمة للمحتوى الموجود – غالبًا ما يكون محميًا بحقوق النشر – لتدريب خوارزمياتها دون المساس بحقوق المبدعين؟ كانت قضية جيتي ضد ستابيليتي إيه آي، التي تتعلق تحديدًا ببرنامج توليد الصور بالذكاء الاصطناعي “ستيبل ديفيوجن” (Stable Diffusion)، في طليعة هذا النقاش، واعدة بوضع سوابق حاسمة لصناع المحتوى ومطوري الذكاء الاصطناعي والصناعة الإبداعية الأوسع.

انسحاب جيتي الاستراتيجي: تفكيك تطورات الدعوى القضائية في المملكة المتحدة

يُعد قرار جيتي بسحب أجزاء كبيرة من دعواها القضائية في المملكة المتحدة ضد ستابيليتي إيه آي لحظة جديرة بالاهتمام، تعكس الطبيعة المعقدة لإثبات انتهاك حقوق النشر في سياق تدريب الذكاء الاصطناعي ومخرجاته. لفهم الآثار المترتبة على ذلك بالكامل، من الضروري تفصيل الادعاءات الأولية، والمطالبات المحددة التي تم سحبها، والأسباب الكامنة وراء هذا التحول الاستراتيجي.

جوهر النزاع: الادعاءات والمطالبات الأولية

بدأت جيتي، الرائدة عالميًا في مجال المحتوى المرئي، إجراءات قانونية ضد ستابيليتي إيه آي في يناير 2023، مدعية الاستخدام الواسع وغير المصرح به لمكتبتها الواسعة من الصور. تركزت الدعوى القضائية على اتهامين رئيسيين:

  • انتهاك بيانات التدريب: ادعت جيتي أن ستابيليتي إيه آي استخدمت ملايين من صورها المحمية بحقوق النشر، دون إذن صريح أو ترخيص، لتدريب نموذجها الرئيسي للذكاء الاصطناعي، ستيبل ديفيوجن. هذا التأكيد ضرب قلب كيفية “تعلم” نماذج الذكاء الاصطناعي وشرعية استهلاك كميات هائلة من المواد المحمية بحقوق النشر لهذا الغرض.
  • انتهاك المخرجات والعلامات المائية: إلى جانب بيانات التدريب، ادعت جيتي أيضًا أن العديد من الصور التي تم إنشاؤها بواسطة ستيبل ديفيوجن تحمل تشابهات قوية مع محتواها المحمي بحقوق النشر. والأهم من ذلك، أن بعض هذه المخرجات التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي احتفظت حتى بعلامات جيتي المائية المميزة، وظهرت كبقايا من بيانات التدريب الأصلية. هذا يشير إلى صلة مباشرة بين المدخلات والمخرجات، مما يعني شكلاً من أشكال النسخ غير المصرح به.

كانت هذه المطالبات الأولية قوية وهادفة إلى إثبات علاقة سببية مباشرة بين ممارسات تدريب ستابيليتي إيه آي وإنشاء أعمال قد تنتهك حقوق النشر، مسلطة الضوء على المخاوف المتعلقة بكل من المدخلات (بيانات التدريب) والمخرجات (الصور التي تم إنشاؤها).

المطالبات التي تم سحبها والأسباب الكامنة وراء ذلك

حتى يوم الأربعاء، تم سحب المطالبات الرئيسية المتعلقة بانتهاك حقوق النشر المباشر – خاصة تلك المتعلقة بالاستخدام غير المصرح به للصور للتدريب وإنشاء مخرجات مشابهة ومنتهكة – رسميًا من قبل جيتي في المحكمة العليا البريطانية. أوضحت جيتي أن هذه الخطوة الاستراتيجية كانت قرارًا بتركيز الموارد على ما تعتقد أنه جوانب أقوى وأكثر قابلية للفوز في قضيتها. ذكرت الشركة أن ضعف الأدلة وعدم وجود شهود متعاونين وذوي معرفة من ستابيليتي إيه آي ساهمت في هذا التحول.

ومع ذلك، قدم الخبراء القانونيون رؤى إضافية حول الأسباب المحتملة للسحب. اقترح بن مالينج، الشريك في شركة المحاماة EIP، أن القرار قد ينبع من تحديين رئيسيين:

  • العقبات القضائية: بالنسبة لمطالبة التدريب، من المحتمل أن تكون جيتي قد واجهت صعوبة في إثبات وجود اتصال كافٍ بين الأفعال التي يُزعم أنها تنتهك حقوق النشر (عملية التدريب) والاختصاص القضائي البريطاني. غالبًا ما تختلف قوانين حقوق النشر دوليًا، ويمكن أن يكون إثبات أن فعل التدريب، الذي قد يحدث عبر خوادم مختلفة عالميًا، يقع بشكل مباشر ضمن اختصاص حقوق النشر البريطانية أمرًا معقدًا للغاية.
  • إثبات التشابه الجوهري: فيما يتعلق بمطالبة المخرجات، فإن إثبات أن الصور التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي أعادت إنتاج جزء جوهري من عمل محمي بحقوق النشر بطريقة تشكل انتهاكًا أمر صعب بشكل سيئ السمعة. يحمي قانون حقوق النشر بشكل عام التعبير عن الفكرة، وليس الفكرة نفسها. يتطلب إثبات أن نموذج الذكاء الاصطناعي قد أعاد إنتاج “جزء جوهري” من التعبير الإبداعي للمصور، بدلاً من مجرد التعلم من أسلوبه أو محتواه، مستوى عاليًا من الأدلة. وجود العلامات المائية، على الرغم من أنه مؤشر على المصدر، لا يساوي تلقائيًا انتهاكًا مباشرًا للصورة الأساسية نفسها إذا كانت المخرجات متحولة أو مختلفة بشكل كافٍ.

يؤكد هذا السحب على الصعوبات المتأصلة في التقاضي ضد شركات الذكاء الاصطناعي لانتهاك حقوق النشر، خاصة عندما تطمس عمليات “التعلم” و”التوليد” التعريفات التقليدية للنسخ.

ما تبقى: المعركة القانونية المستمرة في المملكة المتحدة

على الرغم من الانخفاض الكبير في نطاق الدعوى القضائية في المملكة المتحدة، فإن القضية ضد ستابيليتي إيه آي بعيدة كل البعد عن الانتهاء. لا تزال جيتي تتابع بنشاط مطالبات أخرى، مع التركيز بشكل خاص على:

  • الانتهاك الثانوي: تمثل هذه المطالبة جانبًا حاسمًا وذات صلة واسعة بصناعة الذكاء الاصطناعي التوليدية. تجادل جيتي بأن نماذج الذكاء الاصطناعي نفسها يمكن اعتبارها “أدوات تنتهك حقوق النشر”. بموجب هذه النظرية، فإن مجرد استخدام أو استيراد هذه النماذج إلى المملكة المتحدة، حتى لو حدث التدريب الأولي خارج الولاية القضائية، يمكن أن يشكل انتهاكًا ثانويًا لحقوق النشر. يهدف هذا النهج إلى تحميل شركات الذكاء الاصطناعي المسؤولية عن الأدوات التي تنشئها، بغض النظر عن مكان معالجة بياناتها الأساسية. كما أشار بن مالينج، فإن هذه المطالبة بالذات لها “أوسع صلة بشركات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تتدرب خارج المملكة المتحدة”.
  • انتهاك العلامة التجارية: تحتفظ جيتي أيضًا بمطالباتها بأن أفعال ستابيليتي إيه آي، وخاصة ظهور العلامات المائية لجيتي على الصور التي تم إنشاؤها، تشكل انتهاكًا للعلامات التجارية. هذا يشير إلى أن نماذج ستابيليتي إيه آي تربط بشكل مربك بين مخرجاتها وعلامة جيتي التجارية، مما قد يضلل المستهلكين أو يضعف علامة جيتي التجارية. أعربت ستابيليتي إيه آي، في حججها الختامية، عن ثقتها في أن هذه المطالبات ستفشل أيضًا، مجادلة بأن المستهلكين لن يفسروا وجود علامات مائية على الصور التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي على أنه تأييد تجاري أو رسالة من ستابيليتي إيه آي.

توضح هذه المطالبات المتبقية التزام جيتي المستمر بتحميل شركات الذكاء الاصطناعي المسؤولية عن حقوق الملكية الفكرية، حتى لو أثبت المسار لإثبات انتهاك حقوق النشر المباشر من خلال بيانات التدريب وتشابه المخرجات أنه صعب في السياق البريطاني.

اللوحة القانونية الأوسع: الذكاء الاصطناعي وحقوق النشر والآثار الدولية

تعتبر قضية جيتي ضد ستابيليتي إيه آي مجرد خيط واحد في نسيج معقد من الإجراءات القانونية التي تحاول تحديد حدود تطوير الذكاء الاصطناعي والملكية الفكرية. ستشكل نتائج هذه القضايا بلا شك مستقبل الصناعات الإبداعية والابتكار التكنولوجي.

التقاضي الموازي في الولايات المتحدة: مواجهة بمليار دولار

من الضروري التأكيد على أن التطورات الأخيرة في الدعوى القضائية في المملكة المتحدة لا تؤثر على المعركة القانونية المنفصلة والمستمرة بين قسم جيتي في الولايات المتحدة وستابيليتي إيه آي في الولايات المتحدة. رفعت القضية في فبراير 2023، وهي أكبر بكثير من حيث النطاق والآثار المالية المحتملة. في هذا التقاضي، تدعي جيتي أن ستابيليتي إيه آي استخدمت ما يصل إلى 12 مليون صورة محمية بحقوق النشر دون إذن لتدريب نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها. تسعى الشركة إلى الحصول على تعويضات كبيرة، خاصة مقابل 11383 عملًا، بمبلغ يصل إلى 150 ألف دولار لكل انتهاك، مما قد يصل إجماليًا إلى حوالي 1.7 مليار دولار. تنتظر القضية الأمريكية حاليًا قرارًا بشأن طلب ستابيليتي إيه آي بالرفض، مما يشير إلى استمرار وضعها النشط وإمكانية صدور حكم تاريخي.

يبرز استقلال القضايا الأمريكية والبريطانية الطبيعة المجزأة لقانون حقوق النشر الدولي. ما قد يكون من الصعب إثباته أو التقاضي بشأنه في ولاية قضائية واحدة بسبب تفسيرات قانونية محددة أو معايير أدلة قد يمضي قدمًا بشكل مختلف في ولاية قضائية أخرى، مما يجعل المشهد القانوني العالمي للذكاء الاصطناعي وحقوق النشر معقدًا بشكل خاص.

السوابق والاتجاهات: قضايا حقوق النشر البارزة الأخرى في مجال الذكاء الاصطناعي

لا تعتبر قضية جيتي-ستابيليتي إيه آي حادثة معزولة؛ إنها جزء من اتجاه أوسع للتحديات القانونية ضد مطوري الذكاء الاصطناعي. قبل يوم واحد فقط من إعلان جيتي في المملكة المتحدة، أيد قاضٍ أمريكي شركة أنثروبيك (Anthropic) في نزاع مماثل. في تلك القضية، رفعت دعوى قضائية ضد أنثروبيك من قبل مؤلفين، مدعين أن كتبهم المحمية بحقوق النشر تم استخدامها لتدريب نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بأنثروبيك دون إذن. يؤكد قرار القاضي لصالح أنثروبيك الصعوبة التي يواجهها المؤلفون في إثبات انتهاك حقوق النشر المباشر عندما يتم “استيعاب” أعمالهم ببساطة بواسطة الذكاء الاصطناعي لأغراض التدريب، دون أن يتم إعادة إنتاجها مباشرة كمخرجات.

علاوة على ذلك، فإن ستابيليتي إيه آي هي أيضًا مدعى عليها في شكوى دعوى قضائية جماعية منفصلة إلى جانب مولدات صور بارزة أخرى للذكاء الاصطناعي، ميدجورني (Midjourney) وديفينت آرت (DeviantArt). هذه الدعوى القضائية، التي رفعتها مجموعة من الفنانين البصريين، تدعي انتهاك حقوق النشر على نطاق أوسع عبر مشهد الذكاء الاصطناعي التوليدي. تسلط هذه القضايا مجتمعة الضوء على السوابق والتحديات القانونية الناشئة المتأصلة في تطبيق أطر حقوق النشر التقليدية على تقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة، لا سيما فيما يتعلق بما يشكل “نسخًا” و”استخدامًا تحويليًا” و”استخدامًا عادلاً”.

التنقل في المناطق الرمادية القانونية: بيانات التدريب والمخرجات التي تم إنشاؤها

تكشف الصراعات القانونية في هذه القضايا عن تحديات أساسية في تطبيق قانون حقوق النشر الحالي على الذكاء الاصطناعي. تشمل “المناطق الرمادية” الرئيسية:

  • تعريف “الانتهاك” في تدريب الذكاء الاصطناعي: هل مجرد “قراءة” أو “تحليل” محتوى محمي بحقوق النشر بواسطة الذكاء الاصطناعي يشكل نسخًا أو انتهاكًا، حتى لو لم يقم النموذج بإعادة إنتاج الأصل بشكل مباشر؟ غالبًا ما يكون مفهوم “الاستخدام التحويلي”، حيث يضيف العمل الجديد محتوى إبداعيًا كبيرًا لتحويل الأصل، مركزيًا لحجج الدفاع، ولكن قابليته للتطبيق على تدريب الذكاء الاصطناعي محل نقاش ساخن.
  • إثبات “التشابه الجوهري” في مخرجات الذكاء الاصطناعي: كما هو موضح في المطالبات المسحوبة من جيتي، فإن إثبات أن صورة تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي “متشابهة جوهريًا” مع عمل أصلي محدد محمي بحقوق النشر، بدلاً من مجرد عكس أسلوب أو عناصر مشتركة تم تعلمها من مجموعة بيانات ضخمة، أمر صعب للغاية. هذا صحيح بشكل خاص إذا لم تكن مخرجات الذكاء الاصطناعي عبارة عن نسخ مباشر بل إنشاء جديد مستوحى من بيانات التدريب الخاصة به.
  • تعقيدات الاختصاص القضائي: غالبًا ما يتم تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على مجموعات بيانات عالمية يتم الوصول إليها من مواقع مختلفة، ويمكن استخدام مخرجاتها في جميع أنحاء العالم. هذه الطبيعة العالمية تجعل من الصعب تحديد الولاية القضائية الدقيقة التي وقع فيها فعل الانتهاك، مما يعقد التقاضي الدولي.

تتطلب هذه التعقيدات دراسة متأنية من قبل الأنظمة القانونية على مستوى العالم، حيث لم يتم تصميم مبادئ حقوق النشر التقليدية مع وضع التعلم الآلي والقدرات التوليدية في الاعتبار.

الطريق إلى الأمام: الآثار المترتبة على صناعة الذكاء الاصطناعي التوليدية

ستكون لنتائج هذه المعارك القانونية المستمرة آثار عميقة بلا شك، وستشكل كيفية تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي ونشره وتنظيمه في السنوات القادمة. لن تؤثر هذه النتائج على شركات التكنولوجيا فحسب، بل ستؤثر أيضًا على النظام البيئي الواسع لصناع المحتوى الذين يساهمون في العالم الرقمي.

التأثير على مطوري الذكاء الاصطناعي وصناع المحتوى

بالنسبة لمطوري الذكاء الاصطناعي، وخاصة أولئك الذين يعملون في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، تعد هذه القضايا تذكيرًا صارخًا بالمخاطر القانونية المرتبطة بتدريب النماذج على مجموعات بيانات ضخمة وغير مُنسقة. من المرجح أن يزداد الضغط لتأمين اتفاقيات ترخيص واضحة لبيانات التدريب. يمكن أن يؤدي هذا إلى:

  • زيادة التدقيق في مصادر البيانات: قد تحتاج الشركات إلى أن تكون أكثر شفافية بشأن بيانات التدريب الخاصة بها، أو ربما تدقيق مجموعات البيانات بحثًا عن مواد محمية بحقوق النشر أو التركيز على المحتوى المرخص صراحةً أو الموجود في الملك العام.
  • التحول نحو مجموعات البيانات المرخصة: قد ينشأ اتجاه نحو استخدام مجموعات بيانات منسقة ومرخصة لتدريب الذكاء الاصطناعي التوليدي، مما قد يزيد التكاليف على مطوري الذكاء الاصطناعي ولكنه يوفر مزيدًا من اليقين القانوني.
  • تطوير آليات “الإسناد” أو “التعويض”: قد تدمج نماذج الذكاء الاصطناعي المستقبلية ميزات تسمح بإسناد أفضل للمواد المصدر أو حتى التعويض المباشر للمبدعين الذين ساهمت أعمالهم في بيانات التدريب.

بالنسبة لصناع المحتوى – الفنانين والمصورين والكتاب والموسيقيين – تعد هذه الدعاوى القضائية معركة حاسمة لحقوق الملكية الفكرية الخاصة بهم في العصر الرقمي. ستحدد الأحكام المدى الذي يمكن به استخدام إبداعاتهم دون إذن لتغذية تطوير الذكاء الاصطناعي. قد يؤثر نقص الحماية القوية بشكل كبير على سبل عيشهم وحافزهم لإنشاء أعمال أصلية.

مشاريع جيتي الخاصة للذكاء الاصطناعي: استراتيجية التكيف

تجدر الإشارة إلى أن جيتي، أثناء مقاضاتها لستابيليتي إيه آي، أطلقت في الوقت نفسه عرضًا خاصًا بها للذكاء الاصطناعي التوليدي. تستفيد هذه الأداة من نماذج الذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها خصيصًا على مكتبات جيتي لصور وفيديوهات الأسهم آي ستوك (iStock) – محتوى تمتلك جيتي الحقوق اللازمة له. يوضح هذا التحرك الاستراتيجي نهجًا عمليًا: إذا لم تستطع هزيمتهم، انضم إليهم، ولكن افعل ذلك بشكل أخلاقي وقانوني. يقدم عرض جيتي للذكاء الاصطناعي للمستخدمين القدرة على إنشاء صور وأعمال فنية جديدة قابلة للترخيص، مما يسلط الضوء على مسار محتمل للصناعة لاحتضان الذكاء الاصطناعي التوليدي بمسؤولية من خلال البناء على أساس المحتوى المرخص.

يشير هذا النهج إلى مستقبل حيث يتشابك تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل وثيق مع نماذج الترخيص السليم للمحتوى والتعويض، مبتعدًا عن الاعتماد على مجموعات بيانات واسعة قد تنتهك حقوق النشر.

تشكيل مستقبل الملكية الرقمية

تتجاوز هذه الدعاوى القضائية الأطراف المعنية المباشرة، وتثير أسئلة مجتمعية وقانونية أساسية حول الملكية الفكرية في عصر الذكاء الاصطناعي. إنها تجبر المشرعين والمحاكم على معالجة قضايا معقدة مثل:

  • كيف ينبغي تعريف “الأصالة” و”التأليف” عندما يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا كبيرًا في إنشاء المحتوى؟
  • ما هي حدود “الاستخدام العادل” أو “التعامل العادل” عندما تستهلك نماذج الذكاء الاصطناعي المواد المحمية بحقوق النشر وتحولها؟
  • كيف يمكن مواءمة الأطر القانونية الدولية لمعالجة الطبيعة العالمية لتطوير الذكاء الاصطناعي واستخدام البيانات؟

سيتطلب حل هذه الأسئلة توازنًا دقيقًا بين تعزيز الابتكار في الذكاء الاصطناعي وحماية حقوق المبدعين، وضمان مستقبل مستدام وعادل لكل من التكنولوجيا والفن.

خاتمة

يُعد قرار جيتي بتضييق نطاق دعواها القضائية في المملكة المتحدة ضد ستابيليتي إيه آي تطورًا حاسمًا في الملحمة القانونية المستمرة المحيطة بالذكاء الاصطناعي وحقوق النشر. في حين أنه يدل على التحديات المتأصلة في إثبات الانتهاك المباشر المتعلق بتدريب الذكاء الاصطناعي وتشابه المخرجات في ولاية قضائية واحدة، إلا أنه لا يشير بأي حال من الأحوال إلى نهاية المعركة. تؤكد الدعوى القضائية الأمريكية المستمرة، مع مطالباتها المالية الكبيرة، والمشهد الأوسع للإجراءات القانونية ضد شركات الذكاء الاصطناعي، أن المحادثة حول الملكية الفكرية في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي لم يتم حسمها على الإطلاق.

تعتبر هذه الصراعات القانونية ضرورية لتحديد المعايير التي يمكن للذكاء الاصطناعي العمل ضمنها بمسؤولية وأخلاقية. إنها تشكل مستقبل إنشاء المحتوى، وتؤثر على كيفية مقاربة مطوري الذكاء الاصطناعي للحصول على البيانات، وتضغط على الأنظمة القانونية للتكيف مع القدرات التكنولوجية غير المسبوقة. ستُمهد النتائج بلا شك الطريق لأطر تشريعية جديدة ومعايير صناعية ونماذج أعمال تهدف إلى تحقيق توازن بين الابتكار وحماية الحقوق الإبداعية، وتحديد مشهد الملكية الرقمية لعقود قادمة.
“`

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *